قابيل قتل هابيل، والحروب التي أودت بحياة الملايين عبر السنين قادها رجال ضد رجال، مؤامرات ودسائس وخيبات وقتل وعنف رغم كل هذا لا تسمع أحدا يقول «الرجل عدو الرجل» بالمقابل تكاد تكون «المرأة عدوة المرأة» من المسلمات والبديهيات في خطابات حياتنا اليومية، فالمرأة ما زالت «موضوع وشيء وهامش» في ذهن أصحاب هذا التصور سأناقش خطورة هذا التصور على المجتمع وعلى المرأة نفسها، وسأبدأ بالتأكيد بالمرأة وذاتها.
إن المرأة التي تتقبل هذه العبارة في هذا العصر إما أن تكون لم تقرأ بما يكفي لتفهم معنى التنميط المجتمعي ولماذا المجتمع يريدها أن تقتنع أنها «ليست كفء أن تكون عدوة للرجل لأنها أقل منزلة منه بحسب فهمهم»، والأخطر أن المرأة تصبح في حالة توجس من زميلاتها وتتوهم خرافات لا أساس لها من الصحة، عزيزتي المرأة وعيك بذاتك هو نقطة قوتك «من أنا» يليها دورك المجتمعي «من أكون»، إن لم تدركي جيدا من «أنتِ» لن تكوني سوى ما يريده من حولك أن تكوني.
التحرر من السياقات الثقافية القاتمة لن يحدث إلا بالتحرر من التعاطي الهزلي مع العبارات، مهم جدا أن أدعوكم للتفكير بشكل عقلاني وأن أقول ماذا جنينا من القولبة المجتمعية؟ ماذا استفدنا من إلصاق التهم بالنوع المجتمعي «رجل و امرأة»، فالنوع البيولوجي «أنثى وذكر» الاختلافات بينهم واضحة لحدٍ ما رغم وجود دراسات تعالج هذا الأمر، لكن لنقل هل النوع المجتمعي يستدعي أن نقول «المرأة ضعيفة عاطفية»، «الرجل لا يبكي»، إلى متى؟ وكم تضرر الرجل من هذا التنميط، ليس فقط المرأة!، مخيفٌ جدا أن تجد نفسك كرجل او كامرأة تتعاطى مع هذه الأنماط فقط لتنال رضا من حولك.
هل هذا الأمر مهم؟ هل محاربة التنميط مفيدة للمجتمع؟ بالتأكيد نعم خاصة في هذه المرحلة، أمام هذا الانفتاح علينا أن نجهز الأفراد للمزيد من مساحات التقبل، الفتاة التي تحارب لتمكّن نفسها ولتمكّن بنات جنسها ليست عدوة لهن! الفتاة التي تغامر بمكتسباتها وطمأنينتها لتوصل صوت المستضعفات ليست عدوة!
شخصيا لا توجد لدي أي عداوة مع بنات جنسي بل على العكس دائما ما نسير بخط متوازٍ حتى إن اختلفنا لا نتخالف، لأن كل واحدة منا منشغلة ببناء ما يفيد، الميل للهدم والتدمير لا يأتي إلا مع الفراغ والجهل، بل حتى الرجل يعاني وناقشت هذا كثيرا، الكثير من الرجال يحاصَرون بقوالب تفترض منهم «القوة والبطش والخيانة واللامبالاة»، نعم نحن كمجتمع نصنع الوحوش ونحن من يصنع الأدوار، عندما يعزز في ذهن الرجل أن عليه أن يبطش ويستهلك الحرث والنسل سيصدق عقله هذا ومهما بلغ وعي الإنسان مع الوقت تصبح هذه التنميطات عبئا ثقيلا جدا على النفس.
لهذا علينا أن نتوقف قبل أن نقول «المرأة عدوة المرأة» ونفكر جيدا، ما نوع العداوة التي نريد أن نصنعها؟ ما نوع الضغينة التي نريد أن نعززها بين الفتيات؟ لهذا شكرا للوعي والحراك النسوي المعتدل، وبالمناسبة قبل أن أختتم أعتقد أن الأسبوع الماضي شهد موجة مثيرة للضحك من التشويه والتشنيع على هذا الوعي المتحضر الذي قدم الفتيات السعوديات بدرجة عالية من المعرفة والرصانة لهذا أدعو الإعلام إلى احترام مكتسبات المرأة السعودية وأيضا الأصوات الثقافية الراقية وعدم الخوض في أمور فكرية لغير الجديرين بها.
* كاتبة سعودية
Areejaljahani@gmail.com
إن المرأة التي تتقبل هذه العبارة في هذا العصر إما أن تكون لم تقرأ بما يكفي لتفهم معنى التنميط المجتمعي ولماذا المجتمع يريدها أن تقتنع أنها «ليست كفء أن تكون عدوة للرجل لأنها أقل منزلة منه بحسب فهمهم»، والأخطر أن المرأة تصبح في حالة توجس من زميلاتها وتتوهم خرافات لا أساس لها من الصحة، عزيزتي المرأة وعيك بذاتك هو نقطة قوتك «من أنا» يليها دورك المجتمعي «من أكون»، إن لم تدركي جيدا من «أنتِ» لن تكوني سوى ما يريده من حولك أن تكوني.
التحرر من السياقات الثقافية القاتمة لن يحدث إلا بالتحرر من التعاطي الهزلي مع العبارات، مهم جدا أن أدعوكم للتفكير بشكل عقلاني وأن أقول ماذا جنينا من القولبة المجتمعية؟ ماذا استفدنا من إلصاق التهم بالنوع المجتمعي «رجل و امرأة»، فالنوع البيولوجي «أنثى وذكر» الاختلافات بينهم واضحة لحدٍ ما رغم وجود دراسات تعالج هذا الأمر، لكن لنقل هل النوع المجتمعي يستدعي أن نقول «المرأة ضعيفة عاطفية»، «الرجل لا يبكي»، إلى متى؟ وكم تضرر الرجل من هذا التنميط، ليس فقط المرأة!، مخيفٌ جدا أن تجد نفسك كرجل او كامرأة تتعاطى مع هذه الأنماط فقط لتنال رضا من حولك.
هل هذا الأمر مهم؟ هل محاربة التنميط مفيدة للمجتمع؟ بالتأكيد نعم خاصة في هذه المرحلة، أمام هذا الانفتاح علينا أن نجهز الأفراد للمزيد من مساحات التقبل، الفتاة التي تحارب لتمكّن نفسها ولتمكّن بنات جنسها ليست عدوة لهن! الفتاة التي تغامر بمكتسباتها وطمأنينتها لتوصل صوت المستضعفات ليست عدوة!
شخصيا لا توجد لدي أي عداوة مع بنات جنسي بل على العكس دائما ما نسير بخط متوازٍ حتى إن اختلفنا لا نتخالف، لأن كل واحدة منا منشغلة ببناء ما يفيد، الميل للهدم والتدمير لا يأتي إلا مع الفراغ والجهل، بل حتى الرجل يعاني وناقشت هذا كثيرا، الكثير من الرجال يحاصَرون بقوالب تفترض منهم «القوة والبطش والخيانة واللامبالاة»، نعم نحن كمجتمع نصنع الوحوش ونحن من يصنع الأدوار، عندما يعزز في ذهن الرجل أن عليه أن يبطش ويستهلك الحرث والنسل سيصدق عقله هذا ومهما بلغ وعي الإنسان مع الوقت تصبح هذه التنميطات عبئا ثقيلا جدا على النفس.
لهذا علينا أن نتوقف قبل أن نقول «المرأة عدوة المرأة» ونفكر جيدا، ما نوع العداوة التي نريد أن نصنعها؟ ما نوع الضغينة التي نريد أن نعززها بين الفتيات؟ لهذا شكرا للوعي والحراك النسوي المعتدل، وبالمناسبة قبل أن أختتم أعتقد أن الأسبوع الماضي شهد موجة مثيرة للضحك من التشويه والتشنيع على هذا الوعي المتحضر الذي قدم الفتيات السعوديات بدرجة عالية من المعرفة والرصانة لهذا أدعو الإعلام إلى احترام مكتسبات المرأة السعودية وأيضا الأصوات الثقافية الراقية وعدم الخوض في أمور فكرية لغير الجديرين بها.
* كاتبة سعودية
Areejaljahani@gmail.com